الضوابط الشرعية لممارسة مهنة المحاماة
فلقد عرف الفقه الإسلامي والتاريخ القضائي الإسلامي نظاما في الدفاع عن طرفي الدعوى سمي: "وكلاء الخصومة"، أو "وكلاء الدعاوى" ، وهو المحاماة في حقيقته، ولم يذكروا كلمة المحاماة باسمها وصفتها؛ لأنها حديثة التنظيم. وقد بحث الفقهاء موضوع المحاماة تحت ذلك العنوان، وأصبح معروفا بها في كت...
Main Author: | |
---|---|
Format: | Article |
Language: | English |
Published: |
University of Malaya
2004
|
Subjects: | |
Online Access: | http://irep.iium.edu.my/5666/ http://irep.iium.edu.my/5666/ http://irep.iium.edu.my/5666/1/arif1.pdf |
Summary: | فلقد عرف الفقه الإسلامي والتاريخ القضائي الإسلامي نظاما في الدفاع عن طرفي الدعوى سمي: "وكلاء الخصومة"، أو "وكلاء الدعاوى" ، وهو المحاماة في حقيقته، ولم يذكروا كلمة المحاماة باسمها وصفتها؛ لأنها حديثة التنظيم. وقد بحث الفقهاء موضوع المحاماة تحت ذلك العنوان، وأصبح معروفا بها في كتب الفقه والتراجم . وأطلق على من يمارس هذه المهنة اسم "الوكلاء".
فالوكالة بالخصومة معناها:
إنابة شخص آخر ليقوم مقام نفسه أمام المحكمة المختصة .
والتوكيل بالخصومة هو من الحقوق الجائز فيها التوكيل؛ لأن الغرض هو إظهار الحق، بإثبات الدعوى للمدعي، أو دفعها عن المدعى عليه.
يقول السرخسي رحمه الله: وقد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر، ولا زجر زاجر .
ويقول السمناني في كتابه روضة القضاة مستدلاً على مشروعية الوكالة بالخصومة: وهو عمل جميع الناس في جميع الأمصار .
وقد عرف مبدأ الوكالة بالخصومة منذ فجر الإسلام، ومارسها بعض الصحابة، وعرفت بعد عصرهم، وقد زاولها أشخاص على مدى التاريخ القضائي الإسلامي، وثمة حاجة إلى تلك الوكالة، فليس كل إنسان يهتدي إلى وجوه المخاصمات؛ ولأن كل تصرف يجوز للإنسان أن يتولاه بنفسه، فإنه يجوز أن يوكل فيه غيره.
أما المحاماة فقد عرفت بأنها: "مهنة علمية فكرية حرة مهمتها التعاون مع القضاة على تحقيق العدالة، والدفاع عن حقوق الموكلين" .
والشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله يعرف المحامي بأنه: "العليم بالقانون الذي يستطيع أن يثبت حق ذي الحق، ويدفع باطل المعتدي، معتمدا في ذلك على علمه بما شرع القانون من حقوق، وما ألزم من واجبات، وما قيد به الحريات، حفظا للجماعة، وتثبيتا للمصالح" .
والدكتور مفلح عواد القضاة، يقول: "المحامون هم طائفة من رجال القانون وأعوان القضاة، الذين اتخذوا مهنة لهم، لتقديم المساعدة القضائية والقانونية لمن يطلبها لقاء أجر" .
ويرى الأستاذ أحمد حسن كرزون حفظه الله بأن المحاماة: تكليف أصولي للدفاع عن أحد الأطراف المتخاصمة ورعاية مصالحه، ويكون على الغالب مقابل أجر محدد أو مقدر.
وتلك التعاريف التي وردت هي تعاريف متقاربة في مدلولها لمهنة المحاماة.
والوكالة بالخصومة هي المحاماة بلغة العصر عموما؛ لأن وكيل الدعوى في كلا النظامين يمارس عملا مبنيا على قواعد الوكالة، فقواعد وأسس التوكيل بالخصومة لا تختلف كثيرا عن التشريعات الحديثة في مهنة المحاماة؛ إذ على الرغم من وجود أصول كلية وأحكام عامة تبين كيفية ممارسة الوكالة بالخصومة.
وعلى الرغم من أن الفقهاء قديما قد أوردوا كثيرا من القواعد المتعلقة بها، فيما يجوز وما لا يجوز، وسلطات الوكيل بالخصومة، وحق الموكل في عزل الوكيل وغير ذلك ؛ إلا أنه لم تعرف المحاماة كمهنة اجتماعية منظمة، ولم تنظم بتلك الدقة في التاريخ القضائي الإسلامي كما نظمت في هذا العصر .
إن ممارسة مهنة المحاماة من منظور الإسلام، لابد أن تضبط بضوابط وقيود شرعية لحماية المحامي من الوقوع في الممارسات المحظورة والتصرفات المحرمة التي يرفضها التشريع الإسلامي. وسوف أبين هذه الضوابط على ضوء الأدلة الشرعية، واستناداً الى مقاصد الشريعة وغاياتها في إقامة العدل بين الناس.
|
---|